كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Scientific Reports أن النساء يتمتعن بحساسية سمعية أعلى من الرجال، وأوضحت أن البيئة التي يعيش فيها الإنسان تلعب دوراً رئيسياً في تشكيل قدراته السمعية. الدراسة قادتها الدكتورة باتريشيا بالاريزك من مركز التنوع البيولوجي والبحث البيئي في مدينة تولوز الفرنسية، وشملت اختبارات سمعية لـ448 شخصاً من 13 مجتمعاً مختلفاً حول العالم.
وباستخدام تقنية TEOAE (الانبعاثات السمعية الانتقالية)، تمكن الباحثون من قياس دقيق لاستجابة القوقعة في الأذن الداخلية تجاه المحفزات الصوتية، حيث أظهرت النتائج أن النساء كنّ أكثر حساسية بمقدار ديسيبلين مقارنة بالرجال، وهو فارق ظهر بشكل ثابت عبر المجتمعات المختلفة.
وأرجعت البروفيسورة توري كينغ من جامعة باث هذا التفاوت إلى اختلافات هيكلية في الأذن الداخلية والتأثيرات الهرمونية خلال مراحل النمو الجنيني. وأشارت إلى أن النساء عادة يحققن نتائج أفضل في اختبارات السمع وفهم الكلام، إلا أن هذه الحساسية الزائدة قد تكون غير مفيدة في البيئات الصاخبة.
من ناحية أخرى، أثبتت الدراسة أن البيئة تؤثر بشدة على استجابة السمع، فمثلاً أظهر سكان المدن قدرة أكبر على التقاط الترددات العالية نتيجة تعرضهم الدائم لضجيج المرور، في حين انخفضت هذه القدرة لدى سكان المناطق الجبلية المرتفعة. أما سكان المناطق الاستوائية، فقد سجلوا أعلى حساسية سمعية، وهو ما يُعزى إلى حاجة أكبر لليقظة السمعية في البيئات الهادئة والطبيعية.
واختتمت الدراسة بطرح تساؤل لافت حول ما إذا كان السمع البشري في حالة تطور مستمر، وهل ستؤدي التغيرات البيئية المتسارعة إلى تكيّف جيني أو فسيولوجي في قدرة الإنسان على السمع، ما يفتح الباب لمزيد من الأبحاث حول التفاعل بين العوامل البيولوجية والبيئية في تطور الحواس البشرية.